عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟
وفى حديث بصيغة أخرى : قبل أن يخلق خلقه؟ قال : " كان فى عماء ما فوقه هواء ، وما تحته هواء ثم خلق عرشه على الماء " . روى ذلك أحمد بن حنبل، وابن ماجه، وأخرجه الترمذى وقال حديث حسن ومعنى الهواء هنا : الفراغ والفضاء والخواء.
وراىجمهور العلماء على أن العرش هو أول مخلوقات الله، لهذا الحديث ولما رواه مسلم فى صحيحه عن رسول الله أنه قال : "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وقال : وكان عرشه على الماء".
وفى حديث البخارى المذكور آنفاً عن عمران، ترتيب المخلوقات "كان عرشه على الماء وكتب فى الذكر كل شئ ثم خلق السموات والأرض". أما ابن جرير فقد حكى عن أصحاب رسول الله أن بعضهم قال "إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شئ قبل الماء".قدر العرش:
لا يقدر قدره إلا الله، وقد وردت آيات وأحاديث وأقوال للصحابة تصف عظمة العرش، وقد وردت (5) آيات تصف العرش منها (3) آيات تصفه بالعظمة }رَبُّ الْعَرٍْشِ الْعَظِيمِ{ (النمل:26) وآية واحدة }هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ{ (المؤمنون:116) وآية أخرى }ذو الْعَرٍْشِ الْمَجِيدُ{ (البروج:15).
وقال تعالى عن كرسيه }وَسِعَ كُرْسٍيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ{ (البقرة:255) وقال أبو زر عن العرش :"ما الكرسى فى العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهرى فلاة من الأرض" أى أن هذا الكرسى الذى يسع السموات والأرض نسبته إلى العرش كنسبة الحلقة الحديد فى وسط أرض فضاء.
ووصف العرش بالعظمة لأنه أعظم المخلوقات.
زنة العرش:
ثبت فى صحيح مسلم عن (جويرية بنت الحارث): أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم دخل عليها وكانت تسبح بالحصى من صلاة الصبح إلى وقت الضحى فقال: "لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلتيه لوزنتهم: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله مداد كلماته". وهنا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان.
حملة العرش:
ذكر الغزالى فى مكاشفة القلوب: عن ابن عباس: أن الله تعالى لما خلق حملة العرش قال لهم "احملوا عرشى" فلم يطيقوا. فخلق لكل واحد منهم مثل قوة من فى السموات السبع من الملائكة فقال: "احملوا عرشى" فلم يطيقو. فخلق لكل واحد منهم مثل قوة ما خلق فى السموات من ملائكة ومن فى الأرض من الخلق، وقال:
"احملوا عرشى" فلم يطيقو. فقال: "قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله" فلما
قالوها، حملوه فنفذت أقدامهم فى الأرض السابعة على متن الريح فلما لم تستقر أقدامهم على شئ تمسكوا بالعرش، ولم يفتروا عن قولهم: "لا حول ولا قوة إلا بالله" خيفة أن ينقلب أحدهم، فلا يعرف أين يهوى فهم حاملون العرش، وهو حاملهم، والكل محمول القدر.
يقول تعالى: }الَذين يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ{ (غافر:7) فأثبت للعرش حملة. وفى
سورة الحاقة أثبت عددهم }وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ
ثَمَانِيَةٌ{ (الحاقة:17).
قال شهر بن حوشب: أربعة منهم يقولون "سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك". وأربعة يقولون: "سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك".
وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله أن النبىقال: "أذن لى أن أتحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام".
وفى رواية أخرى له، ولأبى حاتم قال: "مخفق الطير سبعمائة عام".
عندما اهتز العرش :
اتفق المسلمون على ما وردهم من العلم أن العرش هو أعظم المخلوقات وأثقلها وأنه سقف المخلوقات، وعلى عظمته هذه وثقله ومكانته فإنه اهتز مرة لموت أحد أصحاب رسول الله أنه (سعد بن معاذ) الذى مات بعد غزوة الأحزاب على أثر جرح أصيب به فى هذه الغزوة وقد كان هذا الشاب ذو مكانة عند الله ورسوله وكان له كبير فضل على دعوة الإسلام.
وهو الذى نزل المهاجرون من حماه وفى ضيافته بالمدينة.
ورغم أن رسول الله كان من شدة حبه له يطببه بنفسه فى مسجده إلا أنه فى الليل نزل جبريل عليه السلام وسأل محمداً عليه الصلاة والسلام: "من رجل من أمتك مات هذه الليلة استبشر بموته أهل السماء؟" ولم يدر
الرسول إلا ومنادياً ينادى: "ألا إن سعدا قد مات".
وسجلت كتب الأحاديث هذا الحدث الجلل، عندما قال الرسول للناس: "لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ". وعندما شعر المشيعون بخفة جنازته أخبرهم الرسول بما رواه عنه الترمذى "إن الملائكة كانت تحمله".
أما كيفية هذا الاهتزاز ... فلا يعلمه إلا الله تعالى.
أدعية بذكر العرش :
فى سنن أبى داود والترمذى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما عن النبى قال: "من عاد (زار) مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات:
"أسأل الله العظيم .. رب العرش العظيم .. أن يشفيك "إلا عافاه اللهسبحانه وتعالى من ذلك المرض".
وعن أبى الدرداء رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "من قال فى كل يوم حين يصبح وحين يمسى : حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة" رواه مسلم.
وفى كتاب ابن السنى عن طلق بن حبيب قال: جاء رجل إلى أبى الدرداء فقال: يا أبا الدرداء قد احترق بيتك فقال ما احترق.
ما كان الله ليفعل ذلك بكلمات سمعتهن من رسول الله من قالها أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسى، ومن قالها آخر النهار لم تصبه مصيبة حتى يصبح: "اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم. أعلم أن الله على كل شئ قدير.
وأن الله قد أحاط بكل شئ علما.
اللهم إنى أعوذ بك من شر نفسى، ومن شر كل دابة أنت أخذ بناصيها.
إن ربى على صراط مستقيم" وقد قلتها اليوم.
ثم قال: انهضوا بنا.
فقام وقاموا معه فانتهوا إلى داره وقد احترق ما حولها ولم يصيبها شئ.