قبل عدة سنوات قال نجم هجوم المنتخب الانجليزي لكرة القدم السابق جاري لينيكر "كرة القدم لعبة بسيطة.. 22 رجلا يطاردون الكرة على مدار 90 دقيقة وفي النهاية يحقق المنتخب الالماني الفوز" وذلك في إشارة إلى شهرة المنتخب الالماني بقدرته على انتزاع الانتصارات وتحويل تخلفه في المباريات إلى فوز مستحق.
ولكن سيكون على لينيكر أن يتابع مباراة المنتخبين الالماني والتركي يوم الاربعاء المقبل لمعرفة ما إذا كان المنتخب الالماني ما زال الأشهر في هذا المجال أم أن الاتراك انتزعوا منه هذه الخاصية.
ويلتقي المنتخبان الالماني والتركي بعد غد الاربعاء في الدور قبل النهائي لبطولة كأس الامم الاوروبية الثالثة عشر (يورو 2008) المقامة حاليا في النمسا وسويسرا ليتأهل الفائز منهما إلى المباراة النهائية التي تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا يوم 29 حزيران/يونيو الحالي.
ويملك المنتخب الألماني تاريخا مبهرا في تحويل تخلفه إلى انتصارات مثيرة في البطولات الكبيرة ولكن المنتخب التركي نجح في يورو 2008 في التفوق على الالمان في هذا المجال قبل المواجهة المرتقبة بينهما يوم الاربعاء والتي قد تشهد تأكيد أي منهما على استحواذه على هذه الخاصية.
وقاد أردا توران المنتخب التركي في الدور الاول للبطولة إلى الفوز على نظيره السويسري صاحب الارض 2/1 بتسجيل هدف الفوز قبل نهاية المباراة مباشرة وبالتحديد في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع للمباراة.
كما سجل نهاد قهوجي نجم الهجوم التركي هدفين في الدقيقتين 87 و89 في مرمى المنتخب التشيكي ليقود الاتراك إلى الفوز 3/2 والصعود لدور الثمانية بعد أن كان المنتخب التشيكي متقدما 2/صفر حتى الدقيقة 75 .
ولكن ذلك لم يكن على نفس القدر من الاثارة التي شهدتها مباراة المنتخب التركي أمام نظيره الكرواتي أمس الاول الجمعة في دور الثمانية للبطولة حيث كانت ليلة الاثارة على استاد العاصمة النمساوية فيينا.
وانتهى الشوط الاول من المباراة بالتعادل السلبي ليلجأ الفريقان إلى خوض الوقت الاضافي والذي نجح اللاعب الكرواتي إيفان كلاسنيتش قبل نهايته بدقيقة واحدة في تسجيل هدف التقدم لفريقه بضربة رأس رائعة.
ولكن المنتخب التركي رفض الاستسلام مجددا وسجل سميح سينتورك هدف التعادل في الدقيقة التالية بينما كان لاعبو المنتخب الكرواتي يستعدون لبدء الاحتفال بالفوز والتأهل للمربع الذهبي في البطولة.
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل أطاح المنتخب التركي بنظيره الكرواتي من البطولة بالتغلب عليه 3/1 في ضربات الترجيح التي احتكم إليها الفريقان بعد انتهاء الوقت الاضافي بالتعادل 1/1 .
ووصفت صحيفة "ذي جارديان" البريطانية المنتخب التركي في عددها الصادر أمس السبت بقولها "أساتذة فن النجاة في كرة القدم" بينما وصفته صحيفة "بيلد" الالمانية الشهيرة بأنه المنتخب التركي الناهض.
وعلقت صحيفة "ليكيب" الفرنسية الرياضية على ذلك بقولها "أحدث معجزة تركية" بينما ذكرت صحيفة "ذي صن البريطانية" "كما نعلم الان ، مع وجود المنتخب التركي لا ينتهي اللقاء إلا بصفارة النهاية".
وفي تركيا أشادت صحيفة "تيركش ديلي" الصادرة باللغة الانجليزية بمستوى الفريق ونجاحه في استعادة توازنه تحت عنوان "صانعو المعجزات فعلوها مجددا".
وأعرب المدرب فاتح تريم المدير الفني للمنتخب التركي عن أمله في أن يسجل فريقه في شباك المنتخب الالماني لتجنب الارهاق مجددا في محاولة تحويل تخلفه إلى فوز.
ولكنه لم يجد سوى الاشادة بما فعله الفريق مؤخرا في مباراته أمام كرواتيا. وقال "دائما نبدو قادرين على الرد. إننا نحقق الفوز من الباب الصعب وليس من الطريق السهل. وهذا يوضح مدى جودة فريقنا.. أبلغت لاعبي فريقي ضرورة عدم الاستسلام أبدا. هذه هي كرة القدم. لا يجب أن تستلم أبدا حتى يطلق الحكم صفارة النهاية".
وبدت الدهشة البالغة أيضا على المدرب الشهير روي هودجسون أحد أعضاء اللجنة الفنية للبطولة والمشكلة من قبل الاتحاد الاوروبي لكرة القدم (يويفا).
وقال هودجسون "إنه شيء لا يمكن تصديقه حيث يستطيعون إظهار الرغبة في استمرار الكفاح. ونال الفريق مكافأته من خلال هدف سميح (سينتورك)".
وأصبح المنتخب التركي هو فريق الأساتذة عندما يتعلق الامر بأهداف اللحظات الاخيرة ولكن الفرق الاخرى كانت ناجحة في ذلك أيضا حيث شهدت يورو 2008 ثمانية أهداف في الوقت بدل الضائع بالاضافة إلى عشرة أهداف أخرى في الدقائق العشر الاخيرة من المباريات التي أقيمت حتى الان.
وسجل المنتخب الأسباني أهدافا في وقت متأخر من المباريات الثلاث التي خاضها في الدور الاول للبطولة ومنها الهدف الذي حقق به الفريق الفوز على السويد 2/1 في الوقت بدل الضائع للمباراة بالإضافة لهدف في الدقيقة 88 ليحقق الفوز على اليونان بنفس النتيجة.
كما جاء هدفه الرابع في مرمى المنتخب الروسي في الوقت بدل الضائع ليفوز المنتخب الاسباني 4/1 .
وتغيرت نتائج أربع مباريات في الوقت بدل الضائع وهي مباريات تركيا مع سويسرا وتركيا مع كرواتيا وأسبانيا مع السويد والنمسا مع بولندا حيث سجل المنتخب النمساوي هدف التعادل 1/1 في الوقت بدل الضائع.
وأكد المنتخب البرتغالي فوزه على تركيا 2/صفر والتشيك 3/1 في الوقت القاتل من المباراتين كما سجل هدفه الثاني في مرمى المنتخب الالماني بدور الثمانية في الدقيقة 87 لتنتهي المباراة بفوز ألمانيا 3/2 .
ونفس الحال ينطبق على المنتخب الهولندي الذي استغل سرعته ومهارات لاعبيه بأفضل شكل ممكن لحسم المباريات أو تأكيد انتصاراته في الدقائق الاخيرة فسجل ويسلي شنايدر هدفا في الوقت بدل الضائع ليكمل فوز الفريق 4/1 على فرنسا وسجل روبن فان بيرسي هدفا في الدقيقة 87 ليؤكد الفوز على رومانيا 2/صفر.
ولكنه سقط أمام المنتخب الروسي في الوقت الاضافي خلال مباراتهما بدور الثمانية علما بأن رود فان نيستلروي سجل هدف التعادل لهولندا قبل نهاية الوقت الاصلي للمباراة بأربع دقائق فقط.
ورغم ذلك تظل معجزات المنتخب التركي هي الأبرز في الذاكرة خلال هذه البطولة سواء في ذاكرة الأصدقاء أو المنافسين.
وقال سلافين بيليتش المدير الفني للمنتخب الكرواتي "الدقيقتان الاخيرتان في المباراة كانتا رائعتين. ربما أرى شبحهما حتى نهاية حياتي.. ولذلك تعتبر كرة القدم هي أفضل رياضة في العالم".