كيفية الإحرام ومعرفة الأفضل من الإفراد والتمتع والقران
اعلم أن المحرم إما أن يريد بإحرامه الحج فقط وحينئذ يسمى مفردا . وإما أن يريد العمرة أولا ، ثم يتحلل ، ثم يحرم بالحج في نفس العام ، ويسمى متمتعا ، وسبب التسمية أنه أخذ فرصة تمتع فيها بالتحلل من الإحرام ، بين ، العمرة والحج .
وإما أن يريد القران ، وهو الجمع بين ، العمرة والحج في إحرام واحد ، بحيث لا يتحلل إلا بعد الانتهاء من أعمال العمرة .
قال الإمام النووي : وقد أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة : الإفراد والتمتع والقران ، ثم قال
والإفراد : أن يحرم بالحج في أشهره ، ويفرغ منه ، ثم يعتمر بعده أو لا يعتمر..
والتمتع : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ، ثم يحرم بالحج في نفس العام...
والقران : أن يحرم بهما معا ويتمم عملهما بدون تحلل حتى ينتهي من الحج...
ويعتبر قارنا أيضا من أحرم بالعمرة ابتداء وقبل أن يطوف لها نوى الحج معها .
وكل مسلم مخير بين التمتع والإفراد والقران ، يفعل أيها شاء فرضا كان أو نفلا ، وقد دل على ذلك قول عائشة رضي الله عنها : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بحج متفق عليه فذكرت التمتع أولا ، ثم القران ثم الإفراد .
واختلف الصحابة ومن بعدهم في الأفضل من الثلاثة
فالتمتع اختاره ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعائشة والحسن وعطاء وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد والقاسم وسالم وعكرمة وأحمد بن حنبل وهو أحد قولي الشافعي ، وروى المروزي عن أحمد : إن ساق الهدي فالقران أفضل ، وإن لم يسقه فالتمتع أفضل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرن حين ساق الهدي ، ومنع كل من ساق الهدي من الحل حتى ينحر هديه .
وذهب جمع من الصحابة والتابعين وأبو حنيفة وإسحاق ، ورجحه جماعة من الشافعية ، منهم النووي والمزني وابن المنذر وأبو إسحاق المروزي وتقي الدين السبكي إلى أن القران أفضل .
وذهب جماعة من الصحابة ، وجماعة ممن بعدهم وجماعة من الشافعية وغيرهم ، ومن أهل البيت : الهادي والقاسم والإمام يحيى وغيرهم إلى أن الإفراد أفضل .
واختلافهم هذا ناشئ عن اختلافهم في : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قارنا أو كان متمتعا أو كان مفردا ؟ فقد قيل بكل واحد منها .
وهل إخباره صلى الله عليه وسلم أصحابه في حجة الوداع بأنه لولا سوقه الهدي لتمتع كان لتفضيل التمتع على القران ، أو كان جبر خاطر للمتمتعين ، الذين حزنوا لأنهم لم يقرنوا كما قرن النبي صلى الله عليه وسلم حسب فهمهم ؟
والموضوع مجال مناقشات طويلة وقديمة ؛ كل عالم يدلي فيها بدلوه ويرجح ما يراه ، والذي تطمئن النفس إليه أن التمتع أفضل ، ويليه القران ، ثم الإفراد ، وهو الذي رجحه الشوكاني ، ورجح ابن القيم القران .
وأما ابن حزم فإنه يرى أنه إن جاء إلى الميقات وليس معه هدي (أي ما يذبح للحج من الإبل أو البقر أو الغنم) فإن فرضا عليه أن يحرم بعمرة فقط ، (متمتعا) فإن أحرم بحج أو بقران ففرض عليه أن يغير إحرامه ويحوله إلى عمرة فقط حتى يتمها ثم يتحلل ، ثم يحرم بالحج . فالتمتع عنده بالنسبة لمن لم يسق الهدي فرض وليس أفضل فقط .
وأما من ساق الهدي ففرض عليه أن يحرم بعمرة وحج معا ، لا يجزيه إلا ذلك .
وكيفية النطق بالإحرام أن يقول بعد أن ينوي بقلبه العمرة ، أو الحج ، أو هما معا ، اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي وتقبلها مني... إن كان متمتعا .
أو يقول : اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني... إن كان مفردا .
أو يقول : اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي وتقبلهما مني إن كان قارنا .
ثم يلبي بعد ذلك مباشرة بإحدى الصيغ السابقة ، وله أن يشترط فيقول : اللهم إن محلي حيث تحبسني .
وأزيدك بيانا عن موضوع الاشتراط فأقول